حدثت هذه الواقعة في 16/02/2013 في 9:43AM

في Al Marj, Kafr El-Shorafa, Qesm Al Marg, Cairo, Cairo (30.151880 31.335730)

«ابنى وحبيبى.. حنين أوى على، أنا وأبوه وكل يوم يحضننى ويشوفنى لو عايزة حاجة ويقولى إدعيلى يا ماما، الله يرحمه»، بهذه الكلمات بدأت والدة «كريم - 28 سنة، وأضافت: «سمع استغاثة فتاة تطلب النجدة ممن يحاولون اغتصابها بالقرب من مقابر الشرفاء بمنطقة المرج، فتوجه إليها مسرعاً وأنقذها من يد هؤلاء الذئاب البشرية، واصطحبها إلى منزل أسرتها التى شكرت له حسن صنيعه، إلا أن الجناة قرروا الانتقام منه ولو بعد حين.. بعد 4 أشهر توجه أحدهم إلى محل المجنى عليه بشارع البترول، وانهال عليه بالسباب والشتائم انتقاماً منه، إلا أن المجنى عليه طرده من أمام المحل بمعاونة بعض المارة، فذهب إلى منزل أسرة الجانى ليعاتبه على ما بدر منه، إلا أن الجانى فاجأ الجميع وأخرج سلاحاً نارياً من طيات ملابسه وأطلق رصاصة على بعد متر واحد لتستقر فى قلب «كريم» ويرديه قتيلاً برصاصة سكنت فى قلبه ولفظ أنفاسه الأخيرة فى الحال، ليترك وراءه أماً ثكلى وأباً أفجعته المصيبة، وزوجة ترملت على طفلين «سما»، سنتين، والتى ظلت تردد «تيم.. تيم» قاصدة اسم والدها باحثة عنه.. وآدم، سنة، كان يأمل المجنى عليه أن يتمكن من توفير متطلباتهما، إلا أن القدركان له رأى آخر.
والدة كريم

«الوطن» انتقلت إلى منزل المجنى عليه، حيث تعيش أسرته فى شقة متواضعة بالإيجار بالطابق السادس بأحد العقارات بشارع الورشة بمنطقة المرج.. شقة سادتها الكآبة.. «كريم»أو «شهيد النخوة» كما يطلق عليه أهالى المنطقة هو الابن الثانى بين أشقائه «ياسمين وعبدالنبى وأحمد»، الأب يعمل سائقاً على سيارة تاكسى يقتات بها ليدفع إيجار شقته، وأم ربة منزل.. تجمع عدد كبير من الأقارب الذين حضروا من الإسكندرية وجيران الأسرة ونسوة متشحات بالسواد، وبعض مالكى المحال التجارية بشارع البترول حيث يقع محل قام المجنى عليه باستئجاره لتبديل زيوت السيارات وأطلق عليه اسم «كركر».

قالت الأم الثكلى بصوت حزين عاجزة عن حبس دموعها، إنه يحمل مؤهلاً متوسطاً، وتزوج منذ 3 سنوات بالفتاة التى كان يحبها، وانتقل للعيش فى الشقة المجاورة لها بنفس الطابق بعد بضعة أشهر من زواجه، وتضيف: «فرحت أوى لما بقى جنبى هنا.. مفيش أم تُسأل عن معزة ابنها.. دا كبدى»، وأنه اعتاد كل صباح قبل التوجه إلى ورشته السؤال عنها وطلب الدعاء له وكان يتمتع بأخلاق طيبة وملتزم بالصلاة فى وقتها وكان خط سيره متمثلاً فى العمل والمسجد والمنزل، وأنه لم يكن ينام قبل أن يطمئن على وصول والده إلى المنزل بعد عناء يوم من العمل على التاكسى، وأضافت أنه تعلم النخوة من جده الذى كان أحد أفراد الحراسة الخاصة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ووالده من محافظة الإسكندرية عاش وتربى على القيم والأصول.

وأوضحت أن آخر مرة رأت فيها المجنى عليه قبل مقتله كانت صباح الجمعة، حيث جلس بجانبها وتحدث معها، ثم غادر المكان، وتكمل حديثها قائلة: «آخر مرة شفت ابنى فيها وهو غرقان فى دمه فى تلاجة المستشفى»، موضحة أنه بعد إصابته توجه به بعض المارة إلى مستشفى اليوم الواحد، ولكنه وصل إلى هناك جثة هامدة.. «جنازته كانت كبيرة وناس كتير بكت من قلبها عليه ودا اللى مريحنى شوية ومبرد نارى».. وأنهت الأم حديثها، مطالبة بالعدالة والقصاص ممن تسبب فى مقتل نجلها «عدل ربنا فوق كل شىء.. أنا عايزة القصاص عشان نرتاح ونربى ولاده.. . الله يرحمه بقى كان دايما يواسينى ويحضنى.. بس خلاص مش هيبقى جنبى تانى.. مثواك الجنة يا كبدى».

«أنا عمرى ماشفت ابن بيعامل أبوه زى ماكان بيعاملنى.. كان بيحترمنى ومش بيتأخر عنى فى حاجه أطلبها منه.. أكيد هو دلوقتى مرتاح وربنا معاه».. هكذا تحدث «مجدى» 54 سنة، والد المجنى عليه «كريم»، وأضاف مجدى أنه يعمل سائق تاكسى على سيارة ملك أحد الأشخاص من الساعة 3 مساءً حتى الـ 3 صباحاً بعد أن كان يعمل فى إحدى شركات حكيم جمال عبدالناصر لمدة 11 عاماً، وأن المجنى عليه كان ينتظره يومياً بصحبة نجلته «سما» ليطمئن عليه، ثم يخلد إلى النوم.. «عمره ماكشر فى وشى على طول مبتسم»، يصف الأب تعامل نجله معه الذى كان يخفف عنه ما يعانى منه، موضحاً أن نجله كان يتمنى أن يغير مهنة تبديل زيوت السيارات التى كان يزاولها علاوة على وظيفته بإحدى شركات المياه الغازية حتى يتمكن من توفير احتياجات منزله، ومتطلبات طفليه.

يكمل الرجل الخمسينى حديثه عن يوم الواقعة مشيراً إلى أن آخر مرة رأى فيها المجنى عليه كانت عشية الحادث، وظلا يتحدثان فى بعض الأمور وأبدى المجنى عليه رغبته فى البحث عن وظيفة أخرى، ويضيف -والدمع ينهمر من عينيه- «أنا متعود يوم الجمعة مش بنزل الشغل خالص.. بس اليوم دا نزلت وهو كان بيدور عليا وملقينيش»، وأكد أن جنازة نجله كانت كبيرة ولم يشعروا فيها بأى عناء، وختم قائلاً: «الحمد لله هو استشهد بكل رجولة وبطولة لما حاول ينقذ فتاة من الاغتصاب.. الحمد لله»، ووجه رسالة إلى وزير الداخلية «أنا عايز حق ابنى والقصاص من اللى حرمونى منه والله يعينك ويقويك».

«إحنا اتجوزنا عن حب.. وفرحت لما اتجوزنا لإنه كان بيحبنى أوى.. بس ملحقتش أعيش معاه»، تقول نورا زوجة المجنى عليه، وقد تورمت عيناها من البكاء الذى لم يتوقف على شريك حياتها التى تهدمت بعد وفاته، وأضافت أنه كان يعاملها بحب واحترام وكذا كان يعامل أهلها، وأن فرحتهما زادت بعد أن رُزقا بالمولودة الأولى «سما».

«أنا نازل الشغل.. عايزة حاجة؟»، تلك آخر كلمات قالها المجنى عليه لزوجته بعد أن طبع على جبينها قبلة حانية، وودعها دون أن يعلم كلاهما أن هذا هو المشهد الأخير من حياته بل وحياتها أيضاً، تلقى «كريم»، شقيق زوجة المجنى عليه اتصالاً من أحد أصدقائه يخبره بالواقعة، وشاهدوه جثة هامده بثلاجة حفظ الموتى.

وقال «محمود»، 26 سنة، الشقيق الأصغر للمجنى عليه أن شقيقه كان مقرباً له، وأن المجنى عليه أخبره منذ 4 أشهر بأنه أنقذ فتاة من الاغتصاب على يد مسجل خطر، ويوم الواقعة توجه الجانى إلى محل شقيقه، إلا أن شقيقه طرده وحين ذهب ليعاتب أهله، خرج الجانى من منزله شاهراً سلاحاً نارياً وأرداه قتيلاً.

ياسمين، 29 سنة، الشقيقة الكبرى للمجنى عليه، تقول «كريم ده نور عينى.. الله يرحمه»، وأنه لم يتوان فى تقديم واجب العزاء فى أى حالة وفاة بمنطقة المرج.

1 التعبير عن الدعم

أضف/ي تعليق شاهد/ي المزيد من البلاغات
تصنيفات الاعتداء الجنسي

تعليقات

نحتاج منك تسجيل الدخول للتعليق. تسجيل الدخول من هنا.